responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 91
أَفْعَلِ: كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ أَلْيَلُ وَيَوْمٌ أَيْوَمُ، وَيَأْتُونَ بِوَزْنِ فَاعِلٍ: كَقَوْلِهِمْ: شِعْرٌ شَاعِرٌ، وَنصب ناصب.
[58]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 58]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ قُصِدَ مِنْهُ الْإِفَاضَةُ فِي بَيَانِ شَرَائِعِ الْعَدْلِ وَالْحُكْمِ، وَنِظَامِ الطَّاعَةِ،
وَذَلِكَ مِنَ الْأَغْرَاضِ التَّشْرِيعِيَّةِ الْكُبْرَى الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ السُّورَةُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ تَطَلُّبُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَهُ، فَالْمُنَاسَبَةُ هِيَ الِانْتِقَالُ مِنْ أَحْكَامٍ تَشْرِيعِيَّةٍ إِلَى أَحْكَامٍ أُخْرَى فِي أَغْرَاضٍ أُخْرَى. وَهُنَا مُنَاسَبَةٌ، وَهِيَ أَنَّ مَا اسْتَطْرَدَ مِنْ ذِكْرِ أَحْوَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي تَحْرِيفِهِمُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَيِّهِمْ أَلْسِنَتَهُمْ بِكَلِمَاتٍ فِيهَا تَوْجِيهٌ مِنَ السَّبِّ، وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَحَسَدِهِمْ بِإِنْكَارِ فَضْلِ اللَّهِ إِذْ آتَاهُ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ، كُلُّ ذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى خِيَانَةِ أَمَانَةِ الدِّينِ، وَالْعِلْمِ، وَالْحَقِّ، وَالنِّعْمَةِ، وَهِيَ أَمَانَاتٌ مَعْنَوِيَّةٌ، فَنَاسَبَ أَنْ يُعَقِّبَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ الْحِسِّيَّةِ إِلَى أَهْلِهَا وَيَتَخَلَّصَ إِلَى هَذَا التَّشْرِيعِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ صَرِيحَةٌ فِي الْأَمْرِ وَالْوُجُوبِ، مِثْلَ صَرَاحَةِ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ
فِي الْحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ»
. (وَإِنَّ) فِيهَا لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ لِظُهُورِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْخَبَرِ لَا يَقْبَلُ الشَّكَّ حَتَّى يُؤَكَّدَ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ إِيجَادِ شَيْءٍ لَا عَنْ وُجُودِهِ، فَهُوَ وَالْإِنْشَاءُ سَوَاءٌ.
وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِتَلَقِّي هَذَا الْخِطَابَ وَالْعَمَلِ بِهِ مِنْ كُلِّ مُؤْتَمَنٍ عَلَى شَيْءٍ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ تَوَلَّى الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحُقُوق.
وَالْأَدَاء حَقِيقَة فِي تَسْلِيمِ ذَاتٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، يُقَالُ: أَدَّى إِلَيْهِ كَذَا، أَيْ دَفَعَهُ وَسَلَّمَهُ، وَمِنْهُ أَدَاءُ الدَّيْنِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ فِي سُورَةِ آلِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 5  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست